الفواكه ومعلومات خاطئة
*****
-بحث الدكتور صبرى إسماعيل
*****
يعتقد العديد منا بأن بعض الفواكه تنحف بينما بعض منها يسمن، ولكن نتائج التحليل الغذائي تثبت لنا عكس ذلك إذ تحتوي حبة الفاكهة المتوسطة الحجم بالإجمال على حوالي 80 سعرة حرارية، وعلى 15 غراما من النشويات، وعلى أقل من غرام واحد من الدهون. وقد تختلف النسب باختلاف نوع الفاكهة والمنطقة الجغرافية وحجمها ودرجة نضجها.
ولعل العديد منا يتفادى بل ويهرب من تناول الفواكه خوفا من زيادة الوزن، والبعض الآخر يلجأ إلى تناول الفواكه في وقت معين من اليوم، خاصة في الصباح، ويمتنع عن تناولها ليلا نظرا لما يتم تناقله عبر الجلسات والإيميلات بأن الفواكه تتحول إلى دهن وتتسبب في تخزين الدهون أو زيادة في الوزن.
وحقيقة الأمر بأن هذا التوجه غير صحي إذ تتميز الفواكه بأنواعها بفوائد صحية عديدة، من بينها قدرتنا على الحصول على عناصر غذائية مختلفة من كل نوع من أنواع الفواكه، فتحديدنا لتناول الأناناس والكيوي من أجل ما يتم الترويج له «بأنهم بنحفوا،» وإبتعادنا عن تناول الموز والمانجا «لأنهم يزيدوا الوزن» لا يوجد له أساس من الصحة العلمية. وعادة ما يتم تحديد تناول أنواع معينة من الفواكه من أجل تجنب حساسية لنوع معين من الفاكهة، أو بسبب مرض طبي معين يحول دون تناول أنواع معينة من الفواكه، مثلما يحدث في حالات نقص أنزيم معين في الجسم، أو حالات إلتهابات تقرحية قي الجهاز الهضمي، أو إضطرابات في الكلى والكبد، ولكن ليس من أجل خسارة الوزن.
متى نتناول الفاكهة؟
كما أنه لا يوجد أي دليل علمي قاطع يثبت بأن إختيار وقت تناول الفواكه له دور في خسارة الوزن، مثل إجبار الفرد على تناول حبة فاكهة صباحا وحرمانه من تناولها ليلا، فالعديد منا لا يرغب بتناول الفواكه صباحا، أو حتى نعمل لساعات طويلة من النهار والتي ربما لا نستطيع فيها تناول الفواكه بينما فرصتنا تكون أكبر بتناولها في الليل. وعادة ما يلجأ البعض إلى الإبتعاد عن تناول الفواكه ليلا خوفا من النصاحة، ولكن يستعيض عنها بتناول أنواع من الأطعمة غير صحية وغير مفيدة وقد تتسبب في زيادة الوزن عند زيادة كميتها أيضا. فالأساس إذا هو تناول الفواكه، ولكن بإعتدال ومراعاة ظروفنا الشخصية والحياتية فلكل منا حالته الخاصة به.
وتحتوي الفواكه على ألياف غذائية تذوب في الماء، وأخرى لا تذوب في الماء. وتختلف الفائدة والقيمة الغذائية لهذه الألياف باختلاف نوعها، فالألياف الغذائية الذائبة في الماء تساعد على خفض مستوى الكوليسترول في الدم إذ تساعد جسمنا على التخلص من الكولسترول الفائض، كما وتساعد على تنظيم مستوى السكر في دمنا إذ أنها تؤجل أو تطيل من زمن إمتصاص الطاقة بكميات كبيرة من الأمعاء على صورة جلوكوز فلا يرتفع المستوى التنشيطي لهرمون الانسولين وبذلك تساعد في تقليل إصابتنا بالاجهاد الوظيفي للبنكرياس المؤدي إلى السكري، وتقلل من السمنة الناشئة عن فرط الانسولين. وتوجد هذه الألياف في كل من التفاح والموز والبرتقال والإجاص.
فائدة قشور الفاكهة
أما الألياف الغذائية غير الذائبة في الماء، فتوجد في قشور الفواكه، وهي تساعد على تنشيط الحركة الدودية في جسمنا فتنظم بالتالي حركة أمعائنا وتساعدنا في معالجة الإمساك، كما وتلعب دورا كبيرا في تقليل احتمالية الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية، خاصة تلك المتعلقة بالجهاز الهضمي كسرطان القولون، أو سرطان الثدي. وتقوم البكتيريا النافعة والموجودة في أمعاء جسمنا الغليظة بتخمير هذا النوع من الألياف وإنتاج أحماض دهنية معينة والتي بدورها تساعد في الوقاية من السرطان.
لذا فإبتعادنا عن تناول أنواع معينة من الفواكه، أو تجنبنا لتناولها في أوقات معينة من اليوم لا يعطينا قيمة غذائية غنية ومماثلة لتناول حبة الفاكهة، فإضافة لأنواع الألياف الغذائية المختلفة، تحتوي الفواكه على مضادات الأكسدة التي تمنع حدوث خلل ما في خلايا جسمنا، مثل اللوتين واللايكوبين والفلافونات والأيزوفلافونات، والتي نستطيع الحصول عليها بتكاملية عن طريق تناولنا للفاكهة ككل، وفي أي وقت خلال اليوم شريطة أن نراعي الإعتدال في الكمية والتنويع في الفواكه المتناولة وتوزيعها خلال اليوم إن أمكن. ولعلنا نشدد على التنويع من أجل الحصول على ألياف غذائية ومضادات أكسدة وفيتامينات ومعادم مختلفة تختلف حسب نوع ولون حبة الفواكه.
وتعتبر الفواكه من السكريات أو النشويات، لذلك عند رغبتنا بخسارة الوزن وتناول الفواكه مع الوجبة الغذائية، يجب أن نراعي بأن نوازن كمية السكريات والنشويات المتناولة في الوجبة الغذائية، وهذا يعني بأن نقلل أو نستعيض عن السكريات والنشويات في وجبتنا الغذائية بتناول حبة فاكهة. ومن الأمثلة على السكريات والنشويات في الوجبة : الخبز، المعكرونة، البطاطا، الأرز، المعجنات، الفريكة، المفتول، البرغل، البسكوت، والشوربات.
وتثبت لنا الأبحاث العلمية بأن النمط الغذائي الصحي يعتمد على التنويع في تناول أنواع وأشكال الفواكه مع مراعاة الالتزام بالكمية في الوجبة الواحدة وخلال اليوم، والحرص على تناول على الأقل حبتي فاكهة في اليوم، وتوزيع حصص الفواكه خلال اليوم ضمن احتياجاتنا الصحية، وأفضليتنا الفردية، وظروف حياتنا وسلوكنا التغذوي.